Monday, June 17, 2013

حول الإساءات المتكررة للنبي صلى الله عليه وسلم وحرية التعبير

بسم الله الرحمن الرحيم

حول الإساءات المتكررة للنبي صلى الله عليه وسلم وحرية التعبير
بقلم : محي الدين

الصراع بين الحق والباطل صراع مستمر منذ قديم الزمان و سيظل هذا إلى ماشاء الله. فالحق الذي يمثله الإسلام يحمل رسالة سلام ويسعى لغرس المحبة والأخوة بين الناس. بينما الباطل يسعى في كل دقيقة إلى إشعال نيران العداوة والحقد والغضب والكراهية. وإن ظهور الفيلم الذي يسيئ إلى النبي صلى الله عليه وسلم عنوان متجدد في سلسلة الصراعات التي ترجع إلى القرون الوسطى في أوروبا. والإساءات التي كانت رائجة في ذالك الزمان عن الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم أشد وأشنع من الإساءات التي تتردد اليوم[1].  ومن الطبيعي أن يغضب المسلمون ويلعنون ويعلنون في كل مكان إستنكارهم الشديد لهذه التصرفات الحمقاء. وتعبيرا عن ذالك إندلعت المظاهرات في معظم البلاد الإسلامية منددة بهذه الإساءات ومنادية بالمقاطعة التجارية والسياسية وغيرها.

ومازلنا نتذكر الرسوم الكريكاتورية المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم التي نشرت عام  2005 في إحدى الصحف الدنماركية التي جرح ملايين من البشر سواء كانوا مسلمين او من ينتمون إلى السلام والمحبة من الغرب. وأصحاب الإساءات المتكررة المتأخرة يظللون بظلة حرية التعبير والإبداع معلنين أمام الناس, رافعين رؤوسهم, وكان شعارهم دوما: " هذه هي الحرية ".


حرية التعبير
لو سألنا الغربيين ألف مرة عما إذا كانوا مع الحرية أم ضدها فإن الإجابة الأكيدة سوف تكون ألف مرة أنهم معها قلبا وقالبا لأنه لا يوجد ماهو أعظم من حرية الشعب والأوطان. وفوق ذالك كله حرية التعبير والإبداع. وإتفقنا جميعا أن الحرية ليست بالضرورة فكرة فلسفية مجردة وإنما هي قيمة تطبيقية عملية. وإنها حق طبيعي لكل إنسان وليس منحة من أحد. ومن هنا كانت صيحة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه في وجه عمرو ابن العاص الذي اعتدى ابنه على مواطن مصري بدون وجه حق حين قال: " متى إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا". كما أكد دكتور محمد طاهر القادري أهمية حرية التعبير قائلا : " وأما حرية التعبير فإننا نؤمن بأنها حقوق الإنسان الأساسية التي لا يتم ذكرها في دستور الولايات المتحدة فحسب, بل ورد بيانها في ميثاق حقوق الإنسان ومسودة الحقوق ومواثيق إقليمية أخرى خاصة بحقوق الإنسان الأساسية ...[2].

لا بد أن نفهم أن الحرية البشرية ليست مطلقة بل هي مقيدة كما قال السيد " كوفي عنان " أمين عام لمنظمة الأمم المتحدة سابقا : " إنني أحترم حق حرية التعبير أيضا, ولكن بالطبع حرية التعبير لن تكون مطلقة, حيث أنها تستلزم مسؤولية وحكما ".[3] كما ذهب إلى هذا الرأي دكتور محمود حمدي زقزوق قائلا : " لو كانت هناك حرية مطلقة لكل فرد يفعل مايشاء دون أي إعتبار أخر لانقلب العالم إلى الفوضى والعبثة ...[4]

وعلى الرغم من وضوح هذه الحقيقة التي لا نحتاج إلى برهان فإن الواقع في تاريخ البشرية كان أمرا مختلفا. وذالك يتضح جليا في الصراعات بين الإسلام والغرب, و بين الحق والباطل. فالغرب[5] كالممثل للقوى المعادية إستخدم حرية التعبير والإبداع سلاحة للطعن بالإسلام, وتشويه صورة الإسلام والمسلمين, والإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. والفيلم الذي أنتجه " ناكولا باسلي ناكولا " الذي يسيئ إلى رسول الله عليه وسلم خير أمثلة على ذالك.  وهذا الفيلم الذي جرح مشاعر جميع أفراد الشعوب الإسلامية في العالم قاطبة. وأصحاب الرسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم التي نشرت عام 2005 وغير ذالك من محاولات التشويه صورة الإسلام يبررون تصرفاتهم الحمقاء بحرية التعبير. وأصبحت مسألة الحرية اليوم من أخطر المسائل التي يعرض لدراستها العلماء أنفسهم[6].

ماهذه الحرية ؟ وهل هذه الإساءات تعتبر حرية؟ ولماذا منع الغرب المسملين لتطبيق الشريعة الإسلامية في دولهم؟ أليس هذه من الحرية؟ ولماذا منع الغرب دولة إيران لتطوير القوة النووية الإيرانية؟ ولماذا منعوا المسلمات للبس الحجاب في الغرب؟ أين الحرية؟
إسمعوا ايها الغربيون إلى زعمائكم ! قال " جوك سترا " وزير الخارجية البريطاني السابق : "  إننا نحترم حق حرية التعبير, ولكن يجب أن لا يكون السلوك البشري مهينا او محرضا اوساغبا. وهناك محذورات في كل دين من الأديان, ولذا لا يصح أن تهان جميع عبادات وتقاليد المسيحيين المقدسة باسم حرية التعبير. ولا يسعنا ان نهين بحقوق وتقاليد المذهب اليهودي او الهندي او السيخي. ولا يسمح الإسلام لمتبعيه بمثل هذه الأعمال الشنيعة. وعلينا ان نكون حاذرين في مثل هذه الظروف لإبقاع العزة والإحترام"[7].
وصرح ذالك " دوستي بلازي " وزير الخارجية الفرنسي السابق بقوله : " يجب أن تتم ممارسة حق الحرية باسلوب التسامح واحترام المعتقدات والأديان. موضحا بأن حق الحرية يعتبر أساس العلمانية لبلدنا "[8] .

وكما أوضح ذالك " كورتيس كوبر " المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكي : " إننا نحترم حرية وسائل الإعلام والتعبير, ولكنه من الضروري أن تقترن هذه الحرية بالمسؤولية الصحفية, وأن التحريض على الكراهية الدينية او العرقية بهذا الإسلوب ليس أمرا مقبولا".[9]
هل هذه المقولات فقط كلام إنشائي الذي دون في الكتب الأدبية للتسلية, أم شنسنة الكلام لتجليب محبة الناس إلى أصحاب المقولات, أم هذه أغنية أنشدها أصحابها للفرار من المشاكل السياسية, والله أعلم.






المراجع
1.      الفكر الديني وقضايا العصر, للدكتدر محمود حمدي زقزوق طبعة مكتبة أسرة, 2012
2.      الفيلم المسيئ للإسلام وحرية التعبير " رسالة خاصة إلى زعماء العالم " للدكتور محمد طاهر القادري, ط منظمة منهاج القرأن العالمية  2012
3.      مشكلة الحرية, للدكتور زكريا إبراهيم, ط مكتبة أسرة   2010         



[1] . الفكر الديني وقضايا العصر , ص  205
[2] . الفيلم المسيئ للإسلام وحرية التعبير رسالة خاصة إلى زعماء العالم, ص 11
[3] . نقلها دكتور محمد طاهر القادري. نفس المصدر السابق,  ص  12
[4] . الفكر الديني وقضايا العصر ,  ص  86
[5] . المراد بالغرب هنا ليس كل الغربيين, لأن منهم من اعترف بعظمة الإسلام وسماحته ونظر إليه نظرة الإنصاف.
[6] . مشكلة الحرية , ص  15
[7] . نقلها دكتور محمد طاهر القادري , نفس المصدر السابق,  ص  12
[8] . نقلها دكتور محمد طاهر القادري , نفس المصدر السابق,  ص  13
[9] . نقلها دكتور محمد طاهر القادري , نفس المصدر السابق,  ص  12

No comments:

Post a Comment