Thursday, October 24, 2013

ما غاب عن المسلمين اليوم (1)

ما غاب عن المسلمين اليوم
بقلم: موليادي أحمد


الإسلام هو الدين الكامل الذي لا يعتريه النقص والضعف ولا يترك شاردة ولا واردة من الأمور التي يحتاج إليها البشرية لصالحهم في الحال والمآل. والإسلام يخرج الناس من الظلمات إلى النور ومن الجهل إلى العلم ومن الذل إلى العزة ومن الضعف إلى القوة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. وطبقا لهذا الأساس، فالمتدين بدين الإسلام هو إنسان يجمع بين خيري الدنيا والأخرة ويكون خير أمة أخرجت للناس، ونورا في مجتمعه وعالما و عزيزا وقويّا وعدلا وغير ذلك من الخصال الحميدة. ومن الأسف الشديد إذا نظرنا إلى واقع المسلمين اليوم سنجد خلاف ذلك -إلا من رحمه الله-.
ما السبب إذن؟

إذا كان الدين الإسلامي هو الدين الكامل ولكن أتباع الإسلام اليوم بخلاف ذلك، فلابد أن يحدث هناك خلل وتقصير من المسلمين أنفسهم لا إلى الإسلام أبدا. وفي هذا السياق، أنا وقفت مع نفسي وقفة،  لما تدبرت "سورة الملك" عرفت أنني عاجز عن فهم الأيات وأنا حزين على ذلك. وأنا فهمت فهما سطحيا أن الله خلق هذه الحياة ليبلونا أينا أحسن عملا... ولكن لما قال الله تعالى: (الذي خلق سبع سموات طباقا)...ففكرت وسألت نفسي، ولم أعرف ولم أدر مفهومه جيدا، وكذا قوله: (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت) وأمرنا بقوله: (فارجع البصر هل ترى من فطور)، فبدأت أنظر إلى السماء ووجدت أنه لا يوجد فيه فطور وأرجع البصر كرتين ينقلب إليّ البصر خاسئا وهو حسير...ولم أجد تغييرا، و نظري هذا لا يشفي عليلا ولا يروي غليلا. وفي الأية التالية، بين الله تعالى أنه زيّن السماء الدنيا بمصابيح وجعلها رجوما للشياطين،،، ووقفت هنيهة،،، وكيف يكون ذلك يا رب؟ وكيف أعرف أنها السماء الدنيا والسماء غير الدنيا؟ وكيف تكون المصابيح رجوما للشياطين؟ ثم لما انتهيت من القراءة ورأيت في أفق السماء، إذ كانت الطائرة تمرّ فوقي، وتفكرت وتعجّبت وأتساءل، كيف كان الناس صنعوا هذا الجرم الكبير الثقيل يطير في الهواء؟ ولماذا لا يسقط كسقوط الأجرام الثقيلة إلى الأرض؟ ولماذا أنا لا أعرف ذلك؟ وأين المسلمون من ذلك؟ وطأطأت رأسي متأملا وأنا حزين على ذلك، وكذلك أتساءل، كيف اخترعوا التلفاز والراديو والرادار والكومبيوتر والتلفون والرسالة الألكترونية والمكينة والكهرباء والصاروخ والقمر الصناعي والرحلة في الفضاء وغير ذلك من إنجازات تكنولوجيا الحديثة؟.

وفي المقابل، ألتفت يمينا وشمالا،،، من الذي يعلّمني هذا كله هنا؟ ووجدت أن الأمة الإسلامية لا تهتم بهذا... وهم يعشقون بسفاسف الأمور، والإختلافات المذهبية الساذجة، والدروس البالية التي لا تسمن ولا تغني من جوع هذه الأمة، والركود بما أنجزه الأوائل، والجمود أمام المسائل، ويغلب على الطلاب الكسل، بما في المنهج من الخلل، وفي الإدارة من الفشل، ولا يرجى خيره في المستقبل. يا رب، أهكذا شأن خير أمة أخرجت للناس؟ بينما كانت الدنيا من حولهم تغيّرت بسرعة هائلة والناس يتسابقون في البحوث والدراسة والعلم.    
         
وأنا منذ ذلك الحين أعرف ضعفي وأبدأ أبحث النور الذي ينير جهلي والماء الذي يروي ظمئي... والحمد لله الذي هداني لهذا، وأرشدني الطريق. أليس الله أنزل إلينا القرآن؟ أوليس أن هذا القرآن حق لا ريب فيه؟ أوليس إنزال هذا القرآن ليكون هداية لصلاح أمرنا في الحال والمآل؟ أوليس أول وحي أنزل هو "إقرأ"؟ أوليست القراءة بابا للعلم؟ أوليس أن الله علم الإنسان ما لا يعلم؟ أوليس أن الله يرفع درجات أولي العلم؟ أوليس أن الله أمر بتدبر القرآن؟ أين نحن من التدبر أثناء قراءة القرآن؟ أوليس أن الله أمرنا بالتفكر في خلق السموات والأرض؟ أين نحن من تفكر خلق السموات والأرض؟ أوليس أن الله أمرنا بالسير في الأرض للإعتبار؟ أين نحن من هذا كله؟ إذن الخلل فينا لا في غيرنا،،، صحيح، أن هناك محاولة للتطاول علينا من غيرنا، ولكن هذا المكر بسبب غفلتنا وجهلنا نحن. فلا تلومن إلا نفسك قبل أن يلومك غيرك. 

وفعلا، أن الأمة الإسلامية اليوم أخطأوا –إلا من رحمه الله- في كيفية التعامل مع القرآن الكريم. أما السلف الصالح فهم أوتوا الإيمان قبل القرآن فلما جاء القرآن فازدادوا إيمانا مع إيمانهم، وأما الخلف فهم أوتوا القرآن قبل الإيمان فيقرءون ما بين فاتحته إلى خاتمته فلايعرفون حلاله وحرامه ولا أوامره وزواجره. فلا غرو أن يكون عمر رضي الله عنه مكث على سورة البقرة في مدة 12 عاما. وكان السلف لا يجاوز عشر أيات ولا ينتقل إلى غيرها إلا بعد العلم والعمل بها، فتعلموا العلم والعمل معا.

 وأما المسلمون اليوم، يغلب في أفكارهم أن قراءة القرآن فقط للتعبد والثواب، وأنه لا صلة له بالعلم ولا بتفكر خلق السموات والأرض، ولا يهتم بملاحظة ما في الآفاق والأنفس، ولا يلتفت إلى الإشارات العلمية البديعة المحكمة. فإنك تجد المسلمين يقرءون القرآن صباحا ومساء ليلا ونهارا، ولكن لو لاحظت جيدا تعرف أن قراءتهم لا تجاوز حناجرهم ولا تؤثر إلا كلمح البصر أو هو أقرب. وربما بعضهم يعرفون معناه ولكن لا يتدبرون، وربما بعضهم يتدبرونه ولكن لا يعلمون، وربما بعضهم يعلمون ولكنهم لا يعملون. أفبهذا الصنيع تعجبون؟ وتضحكون ولا تبكون؟. إذن، فهل نكتفي بالقراءة المجردة عن الفهم؟ فهل نكتفي بالجسد بلا روح؟ فهل نختار الجسد الميت من الحياة النافعة؟ فلا حياة للجسد إلا بالروح، فلا حياة للأمة إلا بالقراءة المتدبرة. وهذا جواب لمن قال: لماذا تخلف المسلمون وتقدم غيرهم؟. والله ولي التوفيق

No comments:

Post a Comment