بسم الله الرحمن الحيم
وا امتحاناه !!
بقلم : محي الدين صالح الدين
ساهرتُ الكوكبَ ليلةَ أمس حتى ملني ، و ضِقتُ
بالمقررات ذرعا . و قد وقف الهم بيني و بين الإمتحان أجذبه فيدفعه ، حتى أسلس
قيادُه ، و سكن جماحُه .
بدأتُ أمشي مشيةَ الحائرَ الذاهل لا أعرف
لي مذهبا و لا أدري لنفسي مطلبا ، و لا أحد يأخذ بيدي و يدلني على نفسي . في هذا
الموقف الذي ينشد فيه كل ذي حاجة حاجته ، فلا يجد إليها سبيلا . فأخذتُ أتصفح وجوه
الطالبين ، و أقلب النظر في الغادرين و القادمين : علني أجد صديقا أستأنس به في
وحدتي ، أو رفيقا أستعين بمرافقته على وحشتي ، فلم أر إلا خلقا غريبا ، و منظرا
عجيبا ، و وجوها ما رأيتُ له مثله في حياتي شبيها و لا ضريبا . و لولا أني أعلم باقتراب
الامتحان لقرأتُ من بداية السنة المقررات ، و للزمتُ الحضور في جميع المحاضرات . و
لكن قد فاتني قول ليت
ثم ما لبس أن انتهينا من الامتحان و قد بلغ
اليأس و الغم مبلغهما في نفسي .
رأيتُ على البعد وجها يبتسم لي و يدنو مني رويدا رويدا . فأرفلت نحوه حتى دنيتُ
منه و ازدلفتُ إليه ، فإذا هو صديقي " الفلان " ، و إذا وجهه يتلألأ تلألؤ الكوكب في علياء السماء ،
فسألته : " ما خبرك ؟ " فقال : " الحمد لله نجحتُ بتقدير ممتاز
" . فعجبتُ لشأنه ، و قلتُ في نفسي : " من طلب شيئا و جَدّ وجد "
طفقتُ أقلب النظر في وجهٍ أخر مليئٍ
بالجفاف و الهم و الحزن كأن زوجته ماتت و
انتهت الحياة بنسبة له ، و عيناه تدرفان بالدموع . و قلتُ في نفسي : " عرفتُ
هذا الوجه . نعم ، هو زميلي " الفلان " . فنظر إلي نظرة العاتب اللائم و
ابتسم لي ابتساما مريبا علمتُ من ذلك أن صاحبها قد ألم بما أضمره من هلاك الرسوب .
يا للأسف ، هو زميلي المتمرد ، و أدركت بعد حزن شديد و قلتُ في نفسي لِمَ الأسف ؟؟
و أنيسه " فيس بوك " ، و " تويتر " و الأفلام و سرير النوم و هذا
حصاد زرعه ، وجزاء عمله . و ما زلتُ أتذكر نصيحتي له " الوقت كالسيف إن لم
تقطعه بالمذاكرة قطعك بالرسوب " و قديما قالوا : " إذا قالت الحزامي
فصدقوها "
و بينما أحدث نفسي بهذا الحديث ، و يتعلق
قلبي شوقا بنتيجتي ، أنطلق مسرعا من مدينة البعوث - كانطلاق الطير من مقره في جو
السماء - إلى كلية أصول الدين . و ما
غويتُ رجلَي خطوة خطوة إلا وعقلي تطاير مع تلك النتيجة المنتظرة . و دقات قلبي
تصارعت مع هذه المشاعر المخيفة حينما أرى باب أصول الدين . ثم أدخل إليها و أتسأل
" أين ذلك القرطاس ؟ و أين يُعلق ؟ ". فلا يكاد أخطو إلا و بصري موجه
إلى ذا الجدار و ذا الجدار حتى وجدتُ ذلك القرطاس المعلق . بدأتُ أبحث اسمي و لم
أجده ، و أمعنتُ النظر و لم أجده . حتى سئمتُ و أدركني الهول و الرعب و أتساءل ،
أنجحتُ أم لا ؟؟ و كأن القيامة قامت ولم تقم .
بينما أنا في هذه الحالة المخيفة ، إذ
سمعتُ صوتا صارخا ما قرع سمعي في حياتي مثله يناديني باسمي ، فأدركني من الهول و
الرعب ما أيقظني من نومي ، فاستيقظت فلم أرَ إمتحانا و لا نتيجةً و لا نجاحا و لا
رسوبا ، فعلمتُ أن كل هذه الأحداث خيالات و أوهام ، أو أضغاث أحلام ، و ما نحن
بتأويل الأحلام بعالمين .
و علمتُ تمام الوعي بعد رحلة الأحلام
المخيفة أن المنادى الذي أيقظني هو زميلي " الفلان الكواكبي " ، دعاني للحضور
في البرنامج التشجيعي قبل الإمتحان ، عقده مركز كواكب الفصحاء .
و أزرعتُ في نفسي بعد تلك الأحلام الثقةَ و
أشعلتُ الحماسة علماً بأن في الإمتحان يُكرم المرء أو يُهان .
القاهرة ، 22 مارس
2013 م
مالكم ، صداع ؟ ههههه
ReplyDelete