Sunday, November 10, 2013


بسم الله الرحمن الحيم


وا امتحاناه !!
بقلم : محي الدين صالح الدين

ساهرتُ الكوكبَ ليلةَ أمس حتى ملني ، و ضِقتُ بالمقررات ذرعا . و قد وقف الهم بيني و بين الإمتحان أجذبه فيدفعه ، حتى أسلس قيادُه ، و سكن جماحُه .
بدأتُ أمشي مشيةَ الحائرَ الذاهل لا أعرف لي مذهبا و لا أدري لنفسي مطلبا ، و لا أحد يأخذ بيدي و يدلني على نفسي . في هذا الموقف الذي ينشد فيه كل ذي حاجة حاجته ، فلا يجد إليها سبيلا . فأخذتُ أتصفح وجوه الطالبين ، و أقلب النظر في الغادرين و القادمين : علني أجد صديقا أستأنس به في وحدتي ، أو رفيقا أستعين بمرافقته على وحشتي ، فلم أر إلا خلقا غريبا ، و منظرا عجيبا ، و وجوها ما رأيتُ له مثله في حياتي شبيها و لا ضريبا . و لولا أني أعلم باقتراب الامتحان لقرأتُ من بداية السنة المقررات ، و للزمتُ الحضور في جميع المحاضرات . و لكن قد فاتني قول ليت
ثم ما لبس أن انتهينا من الامتحان و قد بلغ اليأس و الغم مبلغهما في نفسي . رأيتُ على البعد وجها يبتسم لي و يدنو مني رويدا رويدا . فأرفلت نحوه حتى دنيتُ منه و ازدلفتُ إليه ، فإذا هو صديقي " الفلان " ، و إذا وجهه يتلألأ تلألؤ الكوكب في علياء السماء ، فسألته : " ما خبرك ؟ " فقال : " الحمد لله نجحتُ بتقدير ممتاز " . فعجبتُ لشأنه ، و قلتُ في نفسي : " من طلب شيئا و جَدّ وجد "
طفقتُ أقلب النظر في وجهٍ أخر مليئٍ بالجفاف و الهم و الحزن  كأن زوجته ماتت و انتهت الحياة بنسبة له ، و عيناه تدرفان بالدموع . و قلتُ في نفسي : " عرفتُ هذا الوجه . نعم ، هو زميلي " الفلان " . فنظر إلي نظرة العاتب اللائم و ابتسم لي ابتساما مريبا علمتُ من ذلك أن صاحبها قد ألم بما أضمره من هلاك الرسوب . يا للأسف ، هو زميلي المتمرد ، و أدركت بعد حزن شديد و قلتُ في نفسي لِمَ الأسف ؟؟ و أنيسه " فيس بوك " ، و " تويتر " و الأفلام و سرير النوم و هذا حصاد زرعه ، وجزاء عمله . و ما زلتُ أتذكر نصيحتي له " الوقت كالسيف إن لم تقطعه بالمذاكرة قطعك بالرسوب " و قديما قالوا : " إذا قالت الحزامي فصدقوها "
و بينما أحدث نفسي بهذا الحديث ،  و يتعلق قلبي شوقا بنتيجتي ، أنطلق مسرعا من مدينة البعوث - كانطلاق الطير من مقره في جو السماء -  إلى كلية أصول الدين . و ما غويتُ رجلَي خطوة خطوة إلا وعقلي تطاير مع تلك النتيجة المنتظرة . و دقات قلبي تصارعت مع هذه المشاعر المخيفة حينما أرى باب أصول الدين . ثم أدخل إليها و أتسأل " أين ذلك القرطاس ؟ و أين يُعلق ؟ ". فلا يكاد أخطو إلا و بصري موجه إلى ذا الجدار و ذا الجدار حتى وجدتُ ذلك القرطاس المعلق . بدأتُ أبحث اسمي و لم أجده ، و أمعنتُ النظر و لم أجده . حتى سئمتُ و أدركني الهول و الرعب و أتساءل ، أنجحتُ أم لا ؟؟ و كأن القيامة قامت ولم تقم .
بينما أنا في هذه الحالة المخيفة ، إذ سمعتُ صوتا صارخا ما قرع سمعي في حياتي مثله يناديني باسمي ، فأدركني من الهول و الرعب ما أيقظني من نومي ، فاستيقظت فلم أرَ إمتحانا و لا نتيجةً و لا نجاحا و لا رسوبا ، فعلمتُ أن كل هذه الأحداث خيالات و أوهام ، أو أضغاث أحلام ، و ما نحن بتأويل الأحلام بعالمين .
و علمتُ تمام الوعي بعد رحلة الأحلام المخيفة أن المنادى الذي أيقظني هو زميلي " الفلان الكواكبي " ، دعاني للحضور في البرنامج التشجيعي قبل الإمتحان ، عقده مركز كواكب الفصحاء .
و أزرعتُ في نفسي بعد تلك الأحلام الثقةَ و أشعلتُ الحماسة علماً بأن في الإمتحان يُكرم المرء أو يُهان .
القاهرة ، 22 مارس 2013 م
     
    

1 comment: